صندوق التنبيهات أو للإعلان

النظم السياسية المعاصرة، والنظم السياسية المقارنة

تعليقان15:16, Publié par موقع عربي بومدين

مقال حول النظم السياسية المعاصرة، والنظم السياسية المقارنة.

تمتاز المواضيع المتعلقة بدراسة ظاهرة السياسة كونها مواضيع قديمة وحديثة؛ قديمة لأن موضوع السياسة سبق وأن كتب عنه قبل أكثر من أربعة قرون قبل الميلاد، وحديثة لأن الكتب التي تطرقت وتتطرق إلى موضوع السياسة لا تزال تصدر بين حين وآخر ولكن بلا انقطاع؛ فقد كتب "أرسطو" ARISTOTE 'السياسة'، وهو كتاب جامع شمل دراسة نماذج لمائة وثمانية وخمسين دستور (382-322 ق.م)؛ وقد ظهر بعده "مونتيسكيو" MONTESQUIEU (1680-1755) ليغني علم السياسة بكتابه 'روح القوانين' L’ESPRIT DES LOIS ، بذلك كانا بحق رائدا علم السياسة، لأنه ما من مؤلفات كتب حول السياسة بصورة علمية تستطيع أن تتجاهل هذين العالمين سلبا أو إيجابا؛ فقد استعمل "أرسطو" الطريقة المقارنة، ولجأ "مونتسكيو" إلى تحليل الظواهر السياسية معتمدا على خطة بحثه تستند في إظهار تأثير المتغيرات على الظاهرة السياسية (جو، محيط جغرافي، سكان، طريقة العيش، الأعراف والتقاليد).

قبل استقلال علم السياسة كان الكتاب قد تناولوه تارة بأنه علم الدولة وتارة أخرى بأنه علم السلطة، ولهذا فدراسته كانت تندرج وتنضوي تحت نظريات القانون العام أو الدراسات الاجتماعية العامة.

زد على ذلك أن مواضيعه ولفترة قريبة كانت مكرسة لدراسة مقارنة لمؤسسات الدول العظمى الغربية فقط، وهذه الدول لم تكن تختلف كثيرا فيما بينها إلا فيما يخص بتوزيع السلطات من ناحية الكيفية.

إلا أن زيادة المعرفة بالمجتمعات الأخرى الحضارية منها أو البدائية وضرورة فهم العالم المعاصر ومشاكله خصوصا بما يتعلق بظهور المجتمعات الحديثة والتطورات الحاصلة ضمن المجتمعات الغربية أيضا، حتمت وبصورة ملحة إيجاد صيغ جديدة ومفاهيم حديثة تضع في موضع الشك المفاهيم التقليدية المستعملة فيما يتعلق بوصف وتحليل المجتمعات والأنظمة السياسية في العالم أجمع.

فالمفاهيم والمصطلحات الموروثة من القانون الروماني ومن الفلسفة السياسية الإنجليزية ومن تاريخ الدساتير الفرنسية والأمريكية قد فقدت لحد ما مكانتها للظهور على شكل نماذج للمفاهيم والقيم العقلانية ذات الصفة العالمية الشاملة وذلك لأن هذه المفاهيم والقيم أظهرت صعوبتها في التطبيق والأخذ بها بصورة حقائق سياسية خارج المحيط الغربي.

وقد كتب "ديفيد إيستون" DAVID EASTON في دائرة المعارف الدولية في العلوم الاجتماعية بحثا عام 1965 بخصوص العلوم السياسية ذاكرا أهمية المبادرات التي انصبت ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية لإخراج التحليل المقارن للحكومات من نطاق دراسة الأنظمة الأوروبية إلى دراسة موسعة حاوية للأنظمة السياسية في العالم الآخر المختلف ثقافيا مع العالم الغربي؛ وكانت أولى المبادرات الحديثة للأخذ بدراسة النظم السياسية بوجهة نظر جديدة هي في كتابة "روي مكريدس" ROY MACRIDIS لكتابه: 'دراسة الحكومات المقارنةTHE STUDY OF COMPARATIVE GOVERNEMENTS ، وقد تعززت هذه النظرة الحديثة لدراسة الحكومات المقارنة بظهور الكتاب التقليدي في هذا المضمار لـ "غابريال ألموند" و"جيمس كولمن" سنة 1960 والمعروف بـ 'سياسة المناطق الناميةTHE POLITICS  OF THE DEVELOPING AREA ، حيث نحى هذا الكتاب في منحى جديد في بحثه السياسي لأنظمة الشرق الأوسط وفي آسيا الجنوبية والشرقية وبدراسة أوضاع وأحوال جنوبي الصحراء الإفريقية ومتضمنا دراسة أنظمة أمريكا اللاتينية وهذه الدول تميز قسم كبير منها بوجود حضارات قديمة وأصول للحكم ذات جذور عميقة في التاريخ: حضارة بابل، حضارة ألانكا ألاستيك.

وظهرت الطبعة السابعة لهذا الكتاب عام 1970 بدون أي إضافة، إذ طالما أن الأساس الذي اعتمده الكتاب هو الناحية المنهجية.

وقد ذكر "غ.ألموند" و "ج.كولمن" بأن ما قيل حول الاختلافات بين الأنظمة في العالم الغربي وبين الأنظمة السياسية الأخرى قد بولغ فيه، فالاختلاف بين هذه الأنظمة وتلك الأنظمة متعلق بوجود التخصص وفي تقسيم الوظائف بين الأنظمة في العالم هي: للتكامل والبقاء وال حافظة على أمن النظام السياسي داخليا وخارجيا.

حيث أشار إلى النظام السياسي، وقسمه من حيث الوظائف إلى قسمين، الأول متعلق وظائف المدخلات، والثاني يتمحور حول وظائف المخرجات، أما الأولى فمتمثلة في: تجميع، توظيف والتعبير عن المصالح، بينما الثانية فتشمل كل من وظيفة صنع، تنفيذ القاعدة، والتقاضي بموجب القاعدة.

إلا أن "غ.ألموند" و "ج.كولمن" قد تعرضا للنقد الشديد، حيث لم يأتيا بالشيء الجديد، بحيث كل ما تم ذكره في هذا الكتاب ما هو إلا تحصيل حاصل للأفكار التي جاء بها "د.إيستون". 

من ذلك، كتب "غ.ألموند" و"بنغهام باول" في كتابه الثاني الصادر سنة 1966م والمعنون بـ: 'السياسات المقارنة مدخل تنمويCOMPARATIVE POLITICS, DEVELOPEMENTAL APPROACH، حيث ركز على مستويات النظام، وهي مقدمة في الآتي:

1- القدرة: (الاسـتخراجية- التوزيعية- الرمـزية- الضبطية/التنظيمية- الداخلية/الخارجية/الدولية). 

2- التحويل: يتمثل هذا المستوى في كل من وظائف المدخلات والمخرجات- أما الأولى فمتمثلة في: تجميع، توظيف والتعبير عن المصالح، بينما الثانية فتشمل كل من وظيفة صنع، تنفيذ القاعدة، والتقاضي بموجب القاعدة-.

3- التكيف: (الاتصال السياسي- المحافظة على النظام من حيث الاستقرار).

وقد ارتأينا عرض بعض النقاط الأولية فيما يتعلق بمعرفة النظام وكذا مفهومه وماهيته، حيث انبرى العديد من الكتاب في وضع تعريف للنظام، حيث عرفه "موريس ديفرجي" MAURICE DUVERGER، في كتابه: SYSTEMES ET REGIMES POLITIQUES، بأنه: »هو نموذج معين لتنظيم ما« ، ويلاحظ في هذا التعريف عموميته بدون التركيز على نظام طبيعي أو اجتماعي معين.

ويندرج تعريف كل من "هول" و"فاكن" للنظام بصورته العامة التجريدية في قولهما بأن النظام هو مجموعة مواضيع وعلاقة هذه المواضيع مع معطياتها، ومن هنا يمكن القول بأن التعريف الأكثر شمولا للنظام هو ذلك التعريف الذي يقرر احتواء النظام على عناصر من ناحية واعتماد هذه العناصر بعضها على البعض من ناحية أخرى، بحيث إذا تحول أحد هذه العناصر في النظام فإن العناصر الأخرى وبالنتيجة سوف تتحول وتتبدل.

هذا بإيجاز حول تعريف النظام، أما النظام الاجتماعي فلقد تناوله العديد من الباحثين بالدراسة، ونذكر بعض الباحثين على سبيل التوضيح، في ما يأتي.

لقد ذكر الباحث السياسي الأمريكي "روبرت دال" ROUBERT DAHL، في كتابه: 'التحليل السياسي الحديثMODERN POLITICAL ANALYSIS ، بأن الأصل العام في النظم الاجتماعية هو النظام الاجتماعي والتي تنبثق عنه النظم الفرعية الأخرى كالاقتصاد والسياسة، وهي أي هذه النظم مرتبطة ومتشابكة البعض مع البعض وقد دلل في هذا الرسم الإيضاحي شكل ترابط هذه النظم الاجتماعية.

 













إلا أن التحليل الاجتماعي الحديث يذكر بأن تقسيم المجتمع يمكن أن يتم على ضوء وجود خمسة (05) أنظمة رئيسية متعايشة تتفرع منها أنظمة ثانوية، وهذه الأنظمة الاجتماعية الرئيسية الخمسة التي يتكون منها المجتمع بكامله هي:

1- النظام التكاثري: وهو كل ما يتعلق بدراسة الأجيال وشروط تكاثرها ونموها.

2- النظام الاجتماعي الجغرافي (البيئة المحيطة): وهو ما يتعلق بعلاقة السكان بما يحيطهم من ظروف جغرافية، ومعيشية من موارد طبيعية وكيفية تواجد الجماعات بالصورة المتفرقة أو المجتمعة.

3- النظام الاقتصادي: وهو كل ما يتعلق بنشاطات السكان في الإنتاج.

4- النظام الثقافي: وهو يتلق بتوزيع وتداول التقنيات المتعارف عليها في المجتمع والتبادل وتوفير الحاجات والخدمات داخل المجتمع؛ فحسب قول "ليفي شتراو" LEVISTRAUSS من لغة، وقيم أخلاقية، ودين، ومعرفة بين سكان المجتمع.

5- النظام السياسي: وهو ما يتعلق بموضوعنا أصلا، والذي سوف نقدم تعريفا له يشمل مكانته بين بقية الأنظمة الاجتماعية ويحدد لنا حدوده وموضوعاته في دراستنا للنظم السياسية المقارنة.




- ماهية النظم السياسية المقارنة:

تعتبر دراسة النظم السياسية من فروع علم السياسة –إلى جانب العلاقات الدولية، النظرية السياسية، الإدارة العامة- بالغة الأهمية، ولقد تطورت هذه الدراسة منهجيا، وأصبحت دراسة النظم السياسية باعتبارها البيئة الطبيعية للنشاط السياسي والعملية السياسية.

فالنظم السياسية المقارنة لا تقتصر فقط على تلك الدراسة التي تنصب على تحليل التركيبات العضوية والهياكل الشكلية الممارسة للسلطة، بمعنى:

-       دراسة المؤسسات الدستورية، بل تتعدى ذلك إلى دراسة السلطة السياسية ذاتها، والوظائف التي يتم ممارستها داخل النظام السياسي ومجمل النشاط السياسي الذي يحدث فيه سواء أكان رسميا أو غير رسمي.

-       فالدراسة تتصدى إذا بالإضافة إلى الهياكل والأجهزة المكونة للنظام السياسي، ولكل ما يحدث في بيئة النظام السياسي من أنشطة ووظائف باختلاف وظيفتها والتي تؤثر في مجملها العملية السياسية، وهي الدراسة التي تقوم على المقاربة التي تعرف بـ: "المقاربة الهيكلوظيفية" STRUCTURE-FUNCTIONAL APPROACH.

-       والدراسة لم تعد تنصب فقط على تناول أشكال تنظيم ممارسة السلطة أي أشكال الدول والحكومات، بل تتعدى ذلك إلى تناول طرق تولي السلطة وكيفية الحصول على السلطان والنفوذ داخل النظام السياسي والبيئة الخاصة بالعملية السياسية.

-       فإلى جانب القوى الرسمية الظاهرة الممارسة للسلطة مثل: الأحزاب الحاكمة والممارسة للنفوذ والتأثير مثل: "أحزاب المعارضة"، توجد كذلك قوى سياسية خفية متعددة تمارس هي الأخرى تأثيرها وضغطها على السلطة وفي بعض الأحيان تكون هي المشكلة للسلطة الفعلية داخل المجتمع السياسي والمتحكمة في دواليب العمل السياسي، حيث أصبح تحديد هذه القوى المختلفة والوقوف على طبيعتها وطبيعة الأنشطة التي تمارسها أمرا لا غنى عنه بالنسبة للباحث أو الدارس الذي يريد فهم النظام السياسي.

-       كما تهتم الدراسة بالمقارنة بين مختلف أنماط المنتظمات السياسية الموجودة في العالم مثل: المقارنة بين نماذج النظم السياسية الغربية المعروفة بالديمقراطية النيابية، وكذلك النظم السياسية الغربية المعروفة بالديمقراطية الشعبية، إلى جانب نماذج من المنتظمات السياسية التي تعرف بما يسمى بالعالم الثالث، وذلك قصد الوقوف عند العوامل والظروف المؤدية إلى ذلك، وذلك بغية الوصول لا ليس إلى القانون العام، بل فقط إلى القاعدة العامة التي تتحكم في مسار الظاهرة السياسية كظاهرة إنسانية بهدف ترقية البناء النظري العام، الخاص بالظاهرة السياسية.

- تطور مسار النظريات السياسية المقارنة (التحقيب الزمني لنظريات النظم السياسية المقارنة):

أولا. نظريات السياسة المقارنة في المرحلة التقليدية (النموذج المعرفي الدولاتي):

- تمهيد:

يعود هذا الحقل -النظم السياسية المقارنة- في أسسه إلى "أرسطو" الذي يعتبر أول من استخدم منهجا مقارنا في دراسة الظاهرة السياسية، فلم تزل السياسة المقارنة تركز على تصنيف الحكومات كما فعل "أرسطو"، ولم تزل تهتم بقضية: من يحــكم ؟ ولمصلــحة من ؟

وعليه، فإن هذه المرحلة بدورها تم تقسيمها إلى مرحلتين، الأولى -المرحلة الكلاسيكية- تبدأ من زمن "أرسطو" إلى أواخر القرن التاسع عشر (19م)، والمرحلة الثانية -المرحلة التقليدية- التي تبدأ من أواخر القرن التاسع عشر (19م) حتى ظهور الثورة السلوكية.

وسيتم تناول هذه الحقبة الخاصة بالنموذج المعرفي الدّولاتي لدراسة النظم السياسية المقارنة بمرحلتيها، وسيكون ذلك بنوع من التفصيل في الآتي:


  1- إسهامات الرواد:


قبل أن نشرع في سرد أهم المنعطفات التاريخية لهذه المرحلة، وأهم روادها الذين أسهموا بإنتاجهم الفكري وإبداعهم العلمي لنموذج معرفي في التحليل السياسي المقارن، والذي ظل سائدا-النموذج المعرفي- حتى بداية تشكل العلوم السياسية كفروع مستقلة عن الفلسفة، ومنها علم السياسة؛ سنقف على أهم ما تميزت به هذه المرحلة من خصائص ومميزات، حيث كان هذا النسق قائما على:

أ- الإبداع الفردي، حيث كان يعد كل رائد أو مفكر مدْرسةً بحد ذاته؛ ولم يكن يوجد مناخ عام أو مدرسة أو منهج يتم تبنيه من عدد كبير من الباحثين.

ب - التركيز على قمة النظام السياسي فقط، وعدم إعطاء قدر من الاهتمام لبقية المكونات.

ج- سيطرة المنهجية الانطباعية، والاعتماد على المعلومات التي تم جمعها من طرف الرحالة، المبشرين، الجوالة، التجار والاستعماريون الأوائل.

د- عدم استقلال الظاهرة السياسية عن الظواهر الاجتماعية، معناه: كانت مرتبطة وذات صلة وثيقة بالظواهر الاجتماعية من حيث: الفهم، التفسير والتعليل.

هـ- الباحثين في الظاهرة السياسية كانوا موسوعيون، معناه أنه لم يكن هناك متخصصين لدراسة الظواهر السياسية.

و- علم السياسة والفلسفة، الأول عبارة عن متغير تابع للثاني، حيث كان علم السياسة مرتبطا بالفلسفة، وكان التنظير الفلسفي هو الغالب على هذه المرحلة بغض النظر عن التنظير العلمي، حيث كان التركيز على ما ينبغي أن يكون هو الطابع السائد، على غرار عما هو كائن وواقع.

انطلاقا من هذا السياق، وكما سبق الإشارة إلى محاولات متعددة لمفكرين وباحثين، من خلالهم تم تمثيلهم لنموذج معرفي في التحليل السياسي المقارن خلال هذه الحقبة من الزمن، أهمهم في التالي:

أ- أرسطو: (384-322 ق.م).

فيلسوف ومعلِّمٌ وعالم يونانيّ يُعتبر، هو وأستاذه أفلاطون، أهم فيلسوفين بين جميع فلاسفة اليونان القدماء؛ أحد أكبر وأهم مؤسسي الفكر السياسي الغربي؛ كتابه الشهير "السياسة" الذي كتب قبل خمسة وعشرين قرنا، في غناه وتحليلاته ونتائجه حول طبيعة السلطة السياسية، أيضا تأثيره الكبير الذي استمر حتى اليوم، حيث مثل أرسطو لنموذج معرفي في التحليل السياسي المقارن.

حيث بنى "أرسطو" تحليله المقارن على ما قدمه المؤرخ الإغريقي "هيرودوت"(*) من معلومات وملاحظات، وما طوره أفلاطون من إطار مفاهيمي.

وقد أرسل "أرسطو" مساعديه حول البحر المتوسط لجمع 158 دستور، وذلك لمعرفة أي الدساتير يحقق الاستقرار أكثر.

والخطوات التالية تحدد الإطار النظري الذي اعتمده "أرسطو" للمقارنة، في التالي:

أ- تحديد مشكلة البحث: وعند "أرسطو" هي متمثلة في الأسباب التي تؤدي إلى الاستقرار السياسي أو عدمه.

ب- تجميع حالات متعددة في العالم المعاصر له. - بحيث أرسل مساعديه حول البحر المتوسط لغرض جمع 158 دستور من أجل دراسته والبحث في مشكلة البحث عنده -.

جـ- تصنيف الحالات طبقا للمعايير التالية:

-     عدد الحكام: 1)- ملكي، 2)- أوليغاركي، 3)- ديمقراطي.

-     كيفية ممارسة الحكم: 1)- أوليغاركي، 2)- ديمقراطي.

-     البنية الطبقية، توزيع السلطة والقوة بين طبقات المجتمع.

د- بناء دالة أو قانون: وذلك للربط بين (ب، ج) –أي: بين دولتين- من ناحية وعملية الاستقرار السياسي أو عدمه من ناحية أخرى، ومن ثم تحديد أي النظم يحقق الاستقرار.

ومنه فرق "أرسطو" بين الدولة والحكومة، فالدولة هي وحدة اجتماعية وسياسية مكونة من جميع المواطنين هدفها هو تحقيق الاكتفاء الذاتي للجميع، بينما الحكومة هي الجهاز الذي يتولى إدارة شؤون الدولة والإشراف على الأعمال فيها؛ وينطلق أرسطو في تقسيمه لأنظمة الحكم من معيارين أحدهما عددي (كمي)، وكيفي (موضوعي)، ففيما يتعلق بالمعيار الأول يفرز "أرسطو" أن السلطة تكون على ثلاث صور (بيد فرد واحد، أو بيد أقلية محددة، أو بيد الأغلبية) وهي الأشكال التقليدية المعروفة لأنظمة الحكم (الملكية، الأرسطوقراطية، ديمقراطية)؛ وأما المعيار الموضوعي، فـ "أرسطو" يميز بين الحكومات من ناحية صلاحها أو فسادها، فإن كان الهدف الذي ترمي إليه الحكومة من قيامها بالحكم هو تحقيق المنفعة العامة، وكان حكمها مستندا على القانون، وكانت حائزة على رضا المحكومين، أما إن كانت السلطة بيد فرد أو أكثر تهدف إلى تحقيق مصالحها أو مصلحة الطبقة التي تنتمي إليها، وكان الحكم غير مستند على القانون ورضا الأفراد، فكانت الحكـومة فاسدة.

 وبالاسـتناد إلى هذين المعيارين (الكمي/ العددي، الكيفي/ الموضوعي) يقدم أرسطو تقسيما اجتماعيا يتضمن ستة (06) أشكال لنظام الحكم، ثلاثة (03) صالحة، وثلاثة (03) فاسدة:

أ- صالحة: (1- ملكية، 2- أرسطوقراطية، 3- جمهورية).

ب- فاسدة: (1- استبدادية، 2- أوليغاركية، 3- ديمقراطية).

وعليه فقد مثل تحليل "أرسطو" المقارن قاعدة أو نموذجا معرفيا ظل متبعا بعده حتى عصر النهضة، وهذه هي أهم الاجتهادات التي اعتمدت النهج المقارن لـ "أرسطو" أهمها:

1- محاولة كل من "بوليبياس" و"شيشرون" في العصر الروماني لتحويل أفكار "أرسطو" حتى تتسق مع نمط الحكم الروماني وفلسفته:

أ‌-  حيث أكد "بوليبياس" على قيمة الشكل المختلط من الحكم والذي يجمع بين عناصر الملكية والأرستقراطية والديمقراطية، ومن ثم يضبط التوازن، ويحقق فائدة هذه النماذج الثلاث.

ب‌-       أما "شيشرون" فعلى نفس النهج اشتق فكرة القانون الطبيعي.

2- محاولة "سانت توماس الإكويني" في العصور الوسطى استخدام منهج "أرسطو" في التجريد، والخروج بمبادئ عامة مثل: العدالة، الحرب العادلة والمنفعة العامة..؛ وقد توصل إلى هذه التجريدات بالبحث المقارن بين المسيحيين وغير المسيحيين.

3- محاولة "ميكيافلي" في تحديده لسياسات أميره والوصول إلى تجريد لمفهوم القوة وتطبيقاته.

4- محاولة "جون بودان" في القرن السادس عشر ميلادي (16م)، وباقتفائه أثر "أرسطو" و"ميكيافلي"، حيث درس الحكومات الأوروبية وعقد مقارنة بينها على أساس شكلها ودورها وعقدها الاجتماعي؛ وخرج بمفهومه المركزي لنظرية السيادة.

ولا يزال منهج "أرسطو" يشكل بعدا أساسيا في النظريات المعاصـرة السـياسة المقارنة؛ -حيث أن فكرة التجريد والخروج بأنماط، والتصنيف من خلال اتخاذ عدد الحكام والغرض من الحكم، لم تزل الأفكار الأساسية في معظم نظريات السياسة المقارنة-.

ب- تشارلز دي سكوندات مونتسكيو: (1689-1755م).

هو فيلسوف فرنسي، من أعماله الرئيسية "روح القوانين" 1748م الذي كان ذا تأثير كبير على كتابة الدساتير في جميع أنحاء العالم؛ ويعتقد "مونتسكيو" بأن القوانين تُشكل الأساس الذي تُبنى عليه كل الأشياء المتعلقة بالإنسان والطبيعة والمقدسات، وإن اكتشاف هذه القوانين هي إحدى واجبات الفلسفة الرئيسية؛ وقديمًا كان من الصعب دراسة الطبيعة البشرية لأن القوانين التي كانت تحكمها معقدة، وبالرغم من ذلك اعتقد "مونتسكيو" بأن هذه القوانين يمكن اكتشافها بالطرق التجريبية لتقصي الأسباب.

وبالنسبة لـ"مونتسكيو"، كانت هنالك ثلاثة أنواع رئيسية من الحكم: الملكية، والجمهورية، والحكم الاستبدادي؛ فالحكومة الملكية: كان لها سلطة محدودة في يد الملك أو الملكة، أما الجمهورية: فقد كانت إما ارستقراطية أو ديمقراطية، وبالنسبة للحكم الاستبدادي: كانت السلطة في أيدي قلة من الناس خلافًا للديمقراطية التي يملك الجميع في إطارها سلطات واسعة، وكان المستبد مسيطرًا على الحكم الاستبدادي وله مطلق السلطة، اعتقد "مونتسكيو" أن الأنظمة القانونية يجب أن تختلف وفقًا لنوع الحكومة الأساسي.

ساند "مونتسكيو" حرية البشر وعارض الاستبداد، وكان يعتقد بأن الحرية السياسية تتضمن فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية عن الحكومة؛ كما كان يؤمن بأن الحرية واحترام القانون المصوغ على الوجه الصحيح يمكن أن يبقيا معًا.

حيث نال شهرته من كتابه رسائل فارسية (1721م)، الذي سخر فيه من الحياة الباريسية والمؤسسات الفرنسية؛ فالتحق"مونتسكيو" بالأكاديمية الفرنسية عام (1727م)، وعاش في إنجلترا من 1729م حتى 1732م وكان معجبًا بالنظام السياسي الإنجليزي.



((* هيرودوت (484-425 ق.م) أول مؤرخ إغريقي أخذ على عاتقه كتابة تاريخ العالم حتى الوقت الذي عاش فيه. أطلق عليه الخطيب الروماني سيشرون أبا التاريخ.
اشتهر هيرودوت بكتبه التسعة التي كتبها عن نشأة الإمبراطورية الفارسية، وغزو الفرس لليونان في الفترة مابين عامي 490 و480ق.م، والقتال البطولي للإغريق ضد الغزاة حتى الانتصار النهائي للإغريق. وقد كتب هيرودوت التاريخ بطريقة شيقة، فقد ضمنه الكثير من القصص التي لم يكن هو نفسه يؤمن بها؛ لأن هذه القصص تجعل وصفه أكثر متعة، وقد جعل أسلوبه البسيط كتبه ممتعة منذ أيامه وحتى الآن.
وُلد هيرودوت في هاليكارناسوس في آسيا الصغرى، وقد سافر وهو في ريعان شبابه بشكل واسع من اليونان إلى الشرق الأوسط وإفريقيا الشمالية. وفي كل مكان يذهب إليه كان يدرس سلوك وعادات وأديان الشعوب، وتعلم كل ما يمكن أن يتعلم عن تاريخ هذه الشعوب، والأشياء التي تعلمها هيرودوت في رحلاته شكَّلت مادته التاريخية. ففي نحو سنة 447 ق.م، زار أثينا، وبعد ذلك بثلاث سنوات أقام في مستعمرة ثوري التي أسسها بيركليس في جنوبي إيطاليا. ولا يعرف شيء عن باقي حياة هيرودوت، ولكن يقال إنه توفي ودفن في ثوري.

Modifier l'article…

تعليقان على { النظم السياسية المعاصرة، والنظم السياسية المقارنة }

Unknown a dit…
22 octobre 2016 à 06:50 [حذف]

مقالة جد ممتازة في حقل السياسة المقارنة تشكر

Unknown a dit…
13 novembre 2016 à 06:44 [حذف]

أحسنت وبارك الله فيك

هل تريد التعليق على التدوينة ؟